الجمعة، جمادى الآخرة ١٧، ١٤٣٢

الجامعة المغربية وسؤال الإصلاح: الموارد البشرية على المحك - أحمد حضراني

تقديم
يتغيأ من وراء إقرار التدابير الإصلاحية تأهيل الجامعة والارتقاء بالتعليم العالي إلى مستوى الطموحات والتحديات المطروحة في ظل الألفية الثالثة، خاصة وقد بوأ الميثاق الوطني للتربية والتعليم مسألة التربية، بشكل عام، مكان الصدارة والأسبقية( أولوية الأولويات ) بعد قضية الوحدة الوطنية على امتداد العشرية الحالية.

ولهذا فالجامعة ومؤسساتها مدعوة ،أكثر من أي وقت مضى، للدفع بقاطرة التنمية الشاملة إلى الأمام، والارتقاء بمشعل العلم على مستوى النوع والجودة في التكوين والبرامج والجودة في الموارد البشرية-طلبة وأساتذة وإداريين- وجودة في البنيات التحتية،والتجهيزات الأساسية للإدارة الالكترونية ،واستيعاب الآليات الحديثة للتكنولوجيا و تقنيات التواصل ،وعقلنة البحث والتأطير من خلال التحكم الدقيق في القواعد والقيم الأكاديمية والموضوعية، والصرامة والأمانة العلمية والنزاهة الفكرية من أجل خدمة أهداف سلمية، وقضايا وطنية تابثة، وترسيخ التربية على مبادئ المواطنة الملتزمة، والمساهمة في تطوير الحضارة الإنسانية، والتسلح بروح الحوار البناء، والاختلاف الديمقراطي الحضاري ، والانخراط في بناء عقد اجتماعي جديد ، مبني على أساس التماسك الاجتماعي وتكافؤ الفرص، وإذ لايختلف أحد على أن الجامعة هي رهان هذا الورش المجتمعي باعتبارها فضاء للحوار البناء،المرتكز على مبادئ التسامح وحقوق الإنسان وحرية التفكير والخلق والإبداع ،ولكي تظل الجامعة مقاولة لإنتاج المغامرة الفكرية والمواقف الريادية ، وفضاء للتجديد والحداثة والقيم الديمقراطية، ومشتلا لفرز النخب، فهذا لن يتأتـى إلا باعتماد خريطة طريق لجامعة مغرب اليوم والغد، لعل مدخلها الأساسي هو المورد البشري. ذلك أنه لا تنمية بدون علم وبدون الاهتمام بالعنصر البشري الذي هو هدف التنمية و أداتها.
وللتذكير فقد أصبح القاموس الحالي يزخر بتعابير تهيمن على الساحة الأكاديمية والإدارية والإعلامية...من قبيل "التدبير الجيد " (
Management)، أو" التدبير الحكاماتي" (Gouvernance)، أو "تدبير الموارد البشرية" (G R H) عوض عبارة "تسيير الموظفين". وهذه المفاهيم لا تطلق على عواهنها، بل تحبل بمضامين وحمولات ،تتجاوز أنماط التسيير التقليدية ،وأشكالها المغرقة في المركزية والسلوكات البيروقراطية البغيضة، وتعتمد على المقاربة التشاركية ،وتقوم على الاعتراف بالعنصر البشري كطاقة ورأسمال وغائية، بغية أنسنة العلاقات الإدارية،و تستند في ذلك على معطيات وتصورات جديدة ،تستخدم آليات حديثة في التدبير، مرجعيتها الأساسية هي المعرفة، وإذ يلاحظ أن التقدم العلمي والتقني يتم بسرعة مذهلة، فقد أضحت معها الرساميل والمواد الخام غير كافية لتحقيق التنمية المنشودة، وأصبح المقياس الحقيقي للتقدم مبني على سلطة المعرفة، وامتلاك الخبرة والعقول البشرية، وتأهيل العنصر البشري. وخاصة إذا تعلـق الأمر بالموارد البشرية العاملة والفاعلة في المؤسسات الجامعية، والمفترض فيها أن تحمل مشعل الريادة والنموذجية في التدبير الجيد، للتحكم في عنصر الزمن وتعقيدات العصر وإدارة دفة التحولات. وتبعا لذلك فالمؤسسة الجامعية مدعوة أكثر من غيرها لتنخرط- وبشكل استباقي- في تنمية تدبير الموارد البشرية، بل إن هذه الأخيرة من أولوياتها، خاصة وأنها تتعامل مع طينة متميزة من الزبناء (طلبة)، ومنتجين يجسدون زبدة النخبة (أساتذة)، ومن وسطاء يحظون بالامتياز المعنوي في إدارة الشأن الجامعي (إدارييـن).

أولا : على مستوى الطلبـة

يمكن اعتبار المرحلة الجامعية بمثابة محطة أساسية لبناء شخصية الطالب ، وتعميق تكوينه ،وتحديد مساره ورسم معالم مستقبله، ،خليله الكتاب، وعنوانه المكتبة- التقليدية والرقمية- و نموذجه "الأستاذ"،وفي المقابل يظل الطالب هو رأسمال هذا الأخير وبطاقة تعريفه.
ولا شك أن برامج الإصلاح الجامعي تضع نصب عينها الطلبة كموضوع وهدف، سواء على مستوى التكوين والبحث، أو من ناحية الاندماج في المحيط الاقتصادي أو الاجتماعي، أو حتى من جانب المساهمة في جعل وتحويل التجربة الجامعية ورحاب المؤسسات الجامعية من أحسن وأحلى اللحظات العلمية والثقافية في حياة الطالب، لتكون ملائمة مع الفئة العمرية الشبابية ،ومواكبة لعتبة سنه المتميزة بالحماس والانطلاق.وهي الفترة التي وإن استغلت، وبتواصل ميداني وانخراط فعلي وفعال، من طرف الفاعلين القيمين على المعادلة البيداغوجية الجامعية في المغرب، ، وان كانوا يتوفرون بالفعل على حس وهم مجتمعي خالص وصادق.. لكانت فرصة سانحة لتكريس ثقافة المواطنة الحقة، والتأسيس الوجداني (السيكولوجي والسوسيولوجي) بالمواطنة والوطن.والعمل بالتالي على خلق المواطن الصالح المؤمن بروح الحوار البناء ، والمنفتح على الاختلاف والتحولات الكونية، والنابذ لكل أشكال التطرف والكراهية والمرتبط بالتالي بوطنه ومؤسساته. فالطلبة - الشباب – هم عماد الأمة، وجوهر نهضتها .

وعليه، وفي سبيل تحقيق هذه الغائية وهذا المطمح النبيل، فينبغي العمل ما أمكن وبكل الوسائل على تنويع أشكال التكوين المتاحة كما وكيفا، للاستجابة لكل الطلبات والمساهمة في سياسة جامعية ولوجية بكل المعاني، وانخراط الأساتذة بالخصوص لإنجاح المنظومة الجامعية، والإيمان بنجاعة وفعلية التكوين المندمج لتأهيل الطلبة لسوق الشغل، ولخدمة قضايـا بلدهم.
إضافة إلى دعم وتشجيع تنظيم مختلف الأنشطة الجامعية الموازية للطالب في مختلف المناحي الثقافية والفنية والرياضية وغيرها ؛لجعل "الوجبة الجامعية "متكاملة علما وفكرا وأنشطة ترفيهية، واستثمار الوقت الثالث للطالب وعدم ضياعه، أي جعل الجامعة فضاء للفكر والحوار، وتلقي المعرفة، واكتساب الروح العلمية والتأهيل للحياة العملية. وإن إرادة توفير وتعبئة ما هو متاح لتحقيق حياة جامعية متكاملة على المستوى الرياضي والفني والاجتماعي للطالب (الإيواء، التطبيب وتعزيز التغطية الصحية للطلبة) لكفيل بأن يجعل من المرحلة الجامعية فترة للذكرى الإيجابية (الانجذاب، الحنين...)، وهذا لن يتأتى إلا من خلال تفعيل قنوات التواصل مع الطلبة ،وتنظيم لقاءات معهم، والاستماع لآرائهم وتزويدهم بكافة الحقائق والمعلومات السليمة عن القضايا التوجيهية والتربوية ، والاستجابة لمطالبهم، أو على الأقل تحسسيهم بـالإكراهات والحلول المتاحة بطريقة موضوعية اعتمادا على الشرح والتبسيط والتوضيح. وان إقرار سياسة انغلاقية قد تفضي إلى دخول جهات خارجية على الخط للقيام بدور الاطفائي، والعمل على تبريد التشنجات والنزاعات، مما قد يمس في الصميم باستقلالية الجامعة ( على سبيل المثال الاحتقان الواقع بين مكونات كلية الطب والصيدلة بمراكش). فلا مندوحة من إقرار سلوك انفتاحي واندماجي للاهتمام بمشاكل الطلبة وتفهمها والعمل على إيجاد الحلول الممكنة لها، وجعل مصلحة الطلبة فوق كل اعتبار،وإعطائهم المثال والقدوة في الحضور الميدانــي، وإشراكهم في قضايا التدبير الممكنة ، خاصة وأن القانون خول الطلبة المشاركة في تسيير المؤسسات الجامعية عبر ممثليهم في مجالسها وهياكلها،بل إشراك الطالب في العملية البيداغوجية ،واعتماد مدونة أو ميثاق لأخلاقيات البحث العلمي داخل الجامعة،وتبني "ميثاق الأطروحة" أو "ميثاق البحث" الذي يوقعه الأستاذ المؤطر والطالب الباحث.
فطالب اليوم هو إطار اليوم،ومن ثمة إدراجه ضمن الموارد البشرية الأساسية في المعادلة الجامعية البيداغوجية، والحاجة ماسة وملحاحة لربطه بالمدرجات، وتجويد الخدمات المقدمة إليه وإلا فملاذه وديدنه هو عالمه الافتراضي .

ثانيا:على مستوى الأساتذة
يتبوأ الأساتذة مكانة لا يستهان بها داخل المجتمع بالنظر للرسالة التي تقع على عاتقهم، في تطبيق مختلف أوراش الإصلاح الجامعي من خلال الحرص على القيام بأنشطة التدريس والبحث والتأطير، والمساهمة في تحيين مضامين ومناهج التعليم .والعمل على تنمية البحث العلمي ،والرفع من قيمته ، وتتبع تقييم ومراقبة معلومات ومؤهلات الطلبة ضمن الهندسة البيداغوجية (الفصول، الوحدات، المسالك...)، وبمختلف الأسلاك والسنوات، فهذا يستدعي تكثيف الجهود وتضافر الإرادات ،وتعبئة القدرات من أجل ريادية ورش التعليم العالي، وتهيـئ الشروط الضرورية لإنجاحه. فالاهتمام بالتعليم والبحث العلمي ليساهم -إن وظف إيجابيا- في تحقيق النمو والنهضة المجتمعية. وفي سبيل تحقيق هذه الغائية النبيلة والارتقاء بجودة التعليم والبحث العلمي ونوعية التكوين وخاصة التكوين المندمج لتأهيل طلبة اليوم إلى رجال ومواطنين صالحين للغد، فإن هذا يستدعي من الأساتذة رفع مشعل التحدي للنهوض بـالأعمال المنوطة بهم وبشكل مسؤول وجدي . وهذا لن يكتمل إلا من خلال إبراز شخصية الأستاذ وإعطاء الطلبة المثال والقدوة في الاجتهاد والنقد البناء والفضول العلمي، وفي المظهر والسلوك، وهذا الهدف النبيل لن يتحقق إلا في ظل توفير شروط موضوعية ،وفي مناخ إداري وبيداغوجي مبني على تجسير أواصر الثقة والاحترام المتبادل بين المسؤولين عن الجامعات ومؤسساتها( رؤساء، عمداء،مدراء) وهيأة الأساتذة كأشخاص أو أجهزة وهياكل للتعليم والبحث العلمي (المجالس و اللجن الدائمة ...). ونهج سبل الحوار الدائم وسياسة تواصلية، واعتماد المقاربة التشاركية في إطار الإيمان والعمل ضمن فريق، لا الاستفراد بالقرارات أوعدم الانفتاح (النزاع بين عميد كلية الحقوق بوجدة ورئيس الجامعة وصل إلى القضاء-أحد عمداء الكليات لا يستقبل الأساتذة إلا بناء على موعد)،لكن هذه السلوكات لا يمكن تجنبها إلا إذا تم القطع مع المنبع، والمقصود بذلك القطع مع الأسلوب الحالي في اختيار المسؤولين الجامعيين، حيث يتم المساس بالمنافسة الشريفة وبمبدأ تكافؤ الفرص، من خلال فبركة اللجان العلمية على مقاس بعض المرشحين الجاهزين والنافذين والمتمسحين بأوليائهم دون الاعتماد على كفاءتهم ورصيدهم المعرفي وإنتاجهم العلمي، ومصداقية وجدية مشروعهم الجامعي...، وأضحت بالتالي الجامعة كالجماعة المحلية، وانتقلت بالتالي عدوى فبركة الخرائط الانتخابية إلى صنع المسؤلين الجامعيين ومن طرف" لجان علمية"، لا بد من طرح إشكالاتها أمام الرأي العام ، للتفكير في مراجعتها، إذ كيف يمكن لممثل المحيط الخارجي-وهو عضو لجنة الانتقاء بحكم القانون- وقد يكون حاصلا على الإجازة،ولا تربطه صلة بالجامعة أن يقيم عملا جامعيا لأستاذ حاصل عن دكتوراه الدولة ؟ وما السر في تكرار تواجد بعض الأسماء ضمن عديد من اللجان وفي مختلف مباريات الانتقاء التي تنظمها الجامعات؟
ويبقى طرح انتخاب المسؤول الجامعي(رئيس الجامعة،عميد كلية،مدير مدرسة عليا أو معهد) من طرف الأساتذة هو البديل، وهو مطلب نقابي كذلك ، إضافة إلى إقرار منهجية للمراقبة الداخلية والخارجية على التدبير المالي، وعلى تنفيذ مشاريع تطوير المؤسسات الجامعية، ولو كانت هذه الأخيرة معتمدة لما تجاسر رؤساء الجامعات السابقين، والذين انتهت ولاياتهم -ثماني سنوات- كأقصى حد، إلى التماس فتوى الأمين العام للحكومة للي عنق القاعدة القانونية والتحايل عليها من خلال السماح لهم للترشح من جديد في جامعات أخرى،ورغم أن الفتوى كانت حاسمة لوضوح النص، فهذا لم يمنع أحد رؤساء الجامعات السابقين من التقدم بملف الترشيح إلى جامعة أخرى ؟ فكيف يستقيم الظل والعود أعوج في ظل غياب منهجية تأسيسية ديمقراطية،وكيف يمكن للجامعة أن تلعب دورها الريادي المجتمعي وأجهزة تسييرها تتمسح بمشايخها و أوليائها لا بجودة مشاريعها ؟
وداخل الجسم"الأستاذي"،-مسؤولا إداريا أو تربويا- فينبغي تحسين الوضعية المادية للأستاذ من خلال الإسراع بملفات الترقية وإقرار نظام الحوافز تشجيعا للبحث العلمي والكفاءات، اعتمادا على معايير دقيقة وذات مصداقية وشفافة، والاهتمام بالبعد الاجتماعي والإنساني للأستاذ، على الأقل تأمين عمله ضد مخاطر التنقل وحوادث الشغل.

ثالثا: على مستوى الموظفين

يساهم الموظفون والأعوان العاملون في تأمين السير العادي والوظيفي للمؤسسات الجامعية ، وإن هذه العينة من الموظفين لفي حاجة إلى التقدير والامتنان، لكونها تعمل في ظل قطاعات اجتماعية وثقافية وفكرية ، ولذا يفترض في هذه الشريحة من الموظفين أن تكون متشبعة بالهاجس التربوي، ومؤمنة بفضل البحث العلمي،ومنخرطة في النهوض به والدفع بتقدمه وهي تسلم بقدرها، وتؤمن في عملها بأنها بعيدة ، وإلى حد ما عن المثالب والعيوب التي تنخر جسد الإدارة المغربية (رشوة، بيروقراطية وسوء التسيير)، وبهدف تكريس تحصين هذه الشريحة من الموظفين ،وتدبير أمورها بشكل جيد. فينبغي العمل على تحسين شروط عملها، بدءا بوضع الشخص المناسب في المكان المناسب، وإقرار سياسة التحفيز اعترافا بمجهوداتها ،وعربونا على إقرار مبادئ الشفافية وقواعد العدل والإنصاف، وإقامة مناخ ملائم للاشتغال، والعمل على مساعدتها ، واستغلال كل المناسبات للاعتراف -علنيا- بتضحياتها، ولما لا التخفيف عنها، بالنظر لقلة عناصرها من خلال ضخ عناصر جديدة في صفوفها ،والاستفادة من التكوين المستمر والتداريب وإعادة التأهيل.
ويبقى على الموظفين العاملين بمصالح المؤسسات الجامعية،وخاصة أولئك الذين يقع على عاتقهم مسؤولية خدمة الطلبة أن يعملوا على جودة الأداء، بدءا ب :
- تحسين جهاز استقبال الطلبة وعموم المرتفقين ، فالاستقبال بمثابة بطاقة تعريف الإدارة ككل فالاستقبال يعد بمثابة مدرسة للحياة الاجتماعية ،وهو مؤسسة وسيطة لخلق شراكة مع الطلبة بالتحديد.
- إيجاد سبــل وقنوات الحوار الجاد والشفاف،وهو خير وسيلة للتعرف على آراء الغير ، فالحوار هو قدرة على الاستماع، كما هو قدرة على الحديث ، والمحاور الجيد هو المستمع الجيد ، وإذا كان الاستماع من الخصال الأساسية التي تسهل بشكل مباشر الاتصال والتواصل، فينبغي أن ينصب على ما هو أساسي بالأساس، والفهم الجيد لما قيل، إضافة إلى خلق شبكة اتصال هامة وخاصة مع كل المخاطبين والمحيط الخارجي (علبة الاقتراحات والإعلانات، والمواقع الالكترونية...). ، إضافة إلى تبسيط المساطر.
- تطوير أساليب العمل والتخفيف من الشكليات، وبالتالي توظيف وتعبئة الاستفادة من مختلف وأحدث وسائل النجاعة والفعالية في التدبير ، قصد التحكم في العمل بدقة وضبط التخطيط والبرمجة، التي تقحم البعد الزمني وعامل الوقت في هذه المعادلة، من خلال التدبير والاستثمار الجيد للوقت فيما هو نافع وإيجابي ، فالوقت هو الحياة ( يلاحظ أحيانا أن ما هو أساسي يكون حظه من الوقت قصيرا ودونه يتخذ وقتا طويلا).
فالكل مدعو لإقرار تعاون مشترك وتضامني بين كل الفاعلين والفرقاء، ونهج سياسية تواصلية بين مختلف مكونات الجامعة،فالتواصل-للتأكيد- يعبر عن الشخصية الانفتاحية ،والقدرة على فهم دوافع واحتياجات الآخرين.
وهذه كلها أعمال وسلوكات تقام تحت مسؤولية القيمين على الجامعة ومؤسساتها، فما يجب على الأساتذة والطلبة والموظفين إنما يتم تحت مسؤوليتهم. وإن تدبير الجامعة والتفاعلات القائمة بين مكوناتها، فهي تتم تحت إشرافهم، وتنطبع بشخصيتهم، وتعتمد على إيمانهم بالعملية البيداغوجية وبخدمة قضايا الوطن والمواطنين، والمساهمة في تدبير الشأن العام، خاصة إذا كان هذا الأخير من طينة المنتوج الجامعي ومن فصيلة الجامعييـن، وهو ما يحتم الاشتغال ضمن فريق في إطار حكامة تشاركية، فنجاح المسؤول عن التدبير يتوقف على طبيعة الأشخاص العاملين معه، ومن ثمة ضرورة العناية بالعنصر البشري، لأن الإدارة هي إدارة أشخاص لا إدارة أشياء .وان أفضل وسائل التنظيم والتسيير لا تحقق الأهداف المرجوة عند إغفال أو تجاهل العنصر البشري. وينبغي أن ينصب التنسيق للمساعدة على حل المشاكل ودراستها لتحقيق أفضل استقلال، وتوظيف أنجح الطاقات،والوعي بالمهام والمسؤوليات وإقرار سياسة انفتاحية في سبيل خدمة التنمية المستدامـة.بخلق تواصل دائم مع مختلف أطراف المعادلة الجامعية (أساتذة وطلبة وإداريين)، ولا يخفى على أحد دور التواصل في خلق التماسك بين الأطراف وبناء العلاقات العامة ، إذ يمكن هذا التواصل من التفكير معا، والرؤية معا، والعمل معا، لتحقيق التماسك والانسجام عبر امتصاص المشاكل، والتوافق على الحلول، وبالتالي تحقيق الأهداف المشتركة ،وجعل الجامعات فضاءات فعلية لنشر المعرفة والثقافة والتعليم بقيم راسخة ، لتأهيل المغرب إلى غد أفضل وعلى كافة المستويات.
على سبيل الخـــتم
يبدو مما سبق أن المؤسسات الجامعية تطلع بدور طلائعي في النهوض بالقطاع التعليمي في شقه العالي، ويقع على عاتق الفاعلين فيها حمل الرسالة التربوية النبيلة للمساهمة في التقدم المجتمعي. وتتبيث موضع قدم البلاد على أرض الرهانات والتحديات العالمية، وهو مايطوق الموارد البشرية، وخاصة أولئك المدبرين والمسؤولين على الشأن الجامعي بمسؤولية مجتمعية وحضارية، بل تـاريخيـة، للارتقاء بالتعليم العالي للعب الدور الأساسي في دعم وتكريس تقاليد البحث العلمي، وجعل الجامعة مشتلا للفعل التربوي والثقافي، واعتماد جودة التكوين ونوعيته لاستقطاب الطلبة إلى المدرجات وتوجيههم حتى في عوالمهم الافتراضية، لتأهيل الشباب في الحياة العملية، وبالتالي إدماج المؤسسة الجامعية في محيطها الاقتصادي والاجتماعي، والتلاؤم مع مشروع الجهوية الموسعة وورش الإصلاح الدستوري، والمساهمة بالنتيجة في تأهيل الاقتصاد وتقدم البلاد، وتحديث المجتمع عبر سبك المواطن الجيد والصالح.
*أستاذ بكلية الحقوق بمكناس

الأربعاء، ربيع الآخر ٢٥، ١٤٣٢

حول القانون التنظيمي لمجلس النواب

حول القانون التنظيمي لمجلس النواب
قراءة في السياق والنص النهائي.
د.أحمد حضراني
أستاذ بكلية الحقوق بمكناس   

مقال نشر بالمجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية عدد 38-2002
تجدر الإشارة بداية إلى أن الإنتخابات التشريعية القادمة والمتعلقة بالعضوية في مجلس النواب، والتي ستجرى بتاريخ 27 شتنبر 2002، ستتم في مناخ ينطبع بدينامية تدب في الجسد المغربي، وخاصة مايسمى بالمجتمع المدني، وفي كنف عهد جديد، وفي ظل حكومة التناوب التوافقي،إلا أنها غير مسبوقة بتعديل دستوري[1]. حيث تم الإكتفاء فقط بتعديل القانون التنظيمي رقم 31.97 المتعلق بمجلس النواب، والصادر في 4 شتنبر 1997 بواسطة القانون التنظيمي رقم 06.02، والذي كانت قد صادقت على مشروعه  الحكومة في مجلسها المنعقد بتاريخ 29 فبراير 2002[2]، مرورا بمصادقة المجلس الوزاري ليحط الرحال بمجلس النواب في 8 مارس 2002 في إطار دورة استثنائية، حيث استغرقت مناقشته داخل لجنة الداخلية واللامركزية والبنيات الأساسية بمجلس النواب حوالي 20 جلسة(60ساعة)، منها 17 خلال الدورة الإستثنائية وثلاثة أثناء الدورة الربيعية العادية[3] ، حيث صادق عليه مجلس النواب بالإجماع في جلسة 26 أبريل 2002، وبأغلبية أعضاء مجلس المستشارين في جلسة 30 أبريل من نفس السنة، وليودع بعد ذلك من طرف الوزير الأول لدى الأمانة العامة بالمجلس الدستوري في 11 يونيو2002 قصد فحص دستوريته، وليصدر بخصوصه قرار رقم 2002/475 في 25 يونيو 2002، وإذا اعتبر هذا القرار- الحدث جزئيا فلكونه حاول تثبيت الموقف السياسي على قدمي القانون[4]،من خلال تنصيصه على عدم دستورية بعض مواد القانون التنظيمي رقم 06.02 السالف الذكر ( المزج بين حالة التنافي وانعدام الأهلية[5] و عدم إقرار شروط لترشيح المستقلين والتصويت المزدوج عن اللائحة)          
ولأجل مطابقة القانون التنظيمي مع أحكام الدستور، صادق مجلس الحكومة المنعقد في 2 يوليوز 2002 على مشروع القانون التنظيمي رقم 29.02، ومن طرف المجلس الوزاري في 4 يوليوز من نفس السنة.
وبعد مصادقة مجلسي البرلمان عليه أحاله الوزير الأول على الأمانة العامة بالمجلس الدستوري في 25 يوليوز 2002 ، قصد فحص دستوريته على وجه الإستعجال، وليصدر في شأنه المجلس الدستوري القرار رقم 2002-475 بتاريخ 1 غشت 2002،مؤكدا بذلك دستورية المواد المعدلة ضمن القانون التنظيمي رقم29.02[6].
وهكذا، يتبين أنه تم الإقتصار على تعديل القانون التنظيمي الخاص بالمؤسسة البرلمانية وليس نص الوثيقة الدستورية الأساسية، ومع ذلك رغم مرونة وسن القانون التنظيمي، فهو قد مر بمراحل كانت غاية في التعقيد، كما أنه لم يتم تعديل مدونة الإنتخابات أو وضع لوائح انتخابية جديدة، بل اقتصر فقط على تنقيحها، وبعد هذه اللمحة المرحلية التي قطعها النص الإنتخابي بالأساس والمندرج في سياق القانون التنظيمي، يمكن التطرق إلى التعديلات الهامة التي جاء بها هذا الأخير، وما أثاره من جدل فقهي أو نقاش سياسي حول هذه النقطة أو تلك، وخاصة أسلوب الإقتراع أو مسألة الكوطا واللوائح الوطنية.
الفقرة الأولى: كيفية تأليف مجلس النواب.
 تتعرض محاور هذه الفقرة للتعديلات التي همت القانون التنظيمي لمجلس النواب رقم 31-97، والخاصة بالشروط الواجب التوفر عليها قصد الترشيح لعضوية مجلس النواب( موضوع المحور الأول)، وكذا أسلوب انتخاب أعضاء هذا المجلس (موضوع المحور الثاني).

أولا: الشروط الواجب توفرها في المترشحين.
لقد كان القانون التنظيمي رقم 31.97 ينص على ضرورة إدلاء المرشحين المتحزبين بتزكية من الحزب، وهو ماكرسته المقتضيات المعدلة للقانون التنظيمي رقم 29.02 ،من خلال إضافة فقرة جديدة ضمن المادة 20 لتؤكد على أن التزكيات يجب أن تسلم من طرف الجهاز المختص في الهيأة السياسية، التي تتقدم باسمها اللائحة أو المرشح، كما تم وضع شروط بالنسبة للمترشحين المستقلين لعضوية مجلس النواب، تبعا لقرار المجلس الدستوري رقم 2002-475، فما هي هذه الشروط؟ وقبلها لماذا اشتراط الإنتماء السياسي؟
1-              حول الانتماء السياسي.
لقد كان للمستجدات التي حبل بها نص المادة 20 من القانون التنظيمي رقم 06.02 المتعلق ببيان الإنتماء السياسي للوائح المرشحين وإقصاء المستقلين من الترشيح لعضوية مجلس النواب أثار حفيظة المجلس الدستوري، فأصدر قراره رقم 475.2002 السالف الذكر، معتبرا فيه أن مقتضيات المادة 20 من القانون التنظيمي تتعارض مع أحكام الفصل 9 من الدستور، والتي تضمن للمواطن حرية الإنخراط في النقابات والأحزاب السياسية بناءا على الإختيار الحر، كما تتناقض مع أحكام الفصل 12 من الدستور، والتي تنص على أن جميع المواطنين بإمكانهم تقلد الوظائف والمناصب العمومية، وهم سواء فيما يرجع للشروط المطلوبة لنيلها[7].
والجدير بالإشارة في هذا الشأن،أن قرار المجلس الدستوري ينسجم مع القواعد الدولية، والتي تنص على أن الهدف المتوخى من وراء العملية الإنتخابية، هو أخذ نصيب من إدارة الشأن العام وولوج المناصب في إطار المساواة[8].
 ويمكن في هذا الشأن الإستشهاد بقرار المحكمة الدستورية العليا بمصر في الدعوى رقم 63 لسنة 1979 في جلسة 3 يونيو 1997، والقاضي بعدم دستورية قانون كان لاينصف المستقلين مقارنة مع المتحزبين. وقد عللت المحكمة الدستورية قرارها هذا بعدم الفصل بين حق الترشيح وحق الناخب في التصويت، علما أنهما حقان لاينفصلان ويتبادلان التأثير فيما بينهما، ولا يجوز مباشرة القيود التي تتصل بكامل العملية الإنتخابية وضمان مصداقيتها.
وإن احتكار العملية الإنتخابية من طرف البعض وإقصاء البعض الآخر ليقلص من دائرة الإختيار. وإذا مازاغ المشرع من قاعدة الإختيار هاته وضيق دائرتها، فإن حق الإقتراع يفقد مغزاه[9]، وبالتالي لايستساغ اقتصار السياسية على المتحزبين دون غيرهم من المواطنين، فالإنتخابات تنافسية،وقد علق الدكتور العميد سليمان الطماوي على هذا الحكم بقوله:" إن ظاهرة المستقلين موجودة في جميع النظم الديمقراطية، وأن اللوائح الحزبية المطلقة تمس من حرية انتخاب الناخب ، والذي يصبح أسير الأحزاب، ومن ثم لا عدالة هذا الأسلوب لإقصائه فريقا من الأمة، والتي تظل بدون تمثيل، وهذا يتنافى مع الديمقراطية[10]، كما يمكن اعتبار إقصاء المستقلين في هذا الشأن مسألة تضرب التعددية في صميمها، كما أن اقتصار احتكام العملية الإنتخابية على الأحزاب وحدها، يجعل منها بمثابة أصول تجارية تخضع فيها عمليات منح التزكيات لإقتصاد البيع والشراء.
ولقد حث المجلس الدستوري في قراره رقم 2002-475 على ضرورة وضع الشروط اللازم توفرها في المواطنين غير المنتمين حزبيا، والراغبين في الترشيح، ولهذا فمنطق الأشياء يقر للمواطنين غير المنتمين سياسيا حق الترشيح، ولهذا فإنه يتعين وضع الشروط اللازم توفرها فيهم وفقا لأحكام الفصل 37 من الدستور.
2-إقرار شروط في المرشحين المستقلين ومناقشة قرار المجلس الدستوري.
فمن أجل مطابقة بنود القانون التنظيمي مع قرار المجلس الدستوري رقم 2002-475 صادق مجلس الحكومة في 2 يوليوز 2002 على النص المعدل ، وهو نفس الموقف الذي اتخذه المجلس الوزاري في 4يوليوز 2002، وقد تضمن هذا النص القانوني رقم 29.02 بعض الشروط الواجب توفرها في لوائح المرشحين المستقلين سواء على صعيد اللوائح المحلية أو تلك الخاصة باللوائح الوطنية، وهي:
-           مطبوع لبرنامج: وينسجم اشتراط هذا المقتضى مع الأسلوب اللائحي لإقتراع أعضاء مجلس النواب، وهو يخدم الأفكار قبل الأشخاص من الناحية المبدئية، ويرقى ضمنيا إلى الدفع بترشيح المتعلمين، إلا أن هناك من يرى بأن إقرار البرامج يجعل من اللوائح المستقلة عبارة عن أطياف وكائنات حزبية، كما قد يكون إقرار البرامج مدعاة لنوع من المضاربة الجديدة من خلال فتح مكاتب للدراسات والخبرة في مجال البرامج المعدة للسوق الإنتخابية، وقد يتم اللجوء إلى استنساخ البرامج مثل القوانين والأنظمة الداخلية للجمعيات، ويطرح السؤال عن الجهاز المؤهل لتقييم تلك البرامج، وعلى أي أساس ومعايير يمكن قبولها أو رفضها، وهل هي ذاتية أم موضوعية؟ وبما أن المشرع لم يحددها فقد ترك الأمر إذن لتقديرات الإدارة في هذا الشأن كما لم يحدد الجهة  التي يمكن اللجوء إليها في حالة الطعن.
-           بيان مصادر التمويل: قد يخدم  هذا الشرط مسألة الشفافية والوضوح، ويساهم في تخليق المشهد السياسي لمغرب اليوم والحاضر، ولكن لماذا لاتطال المراقبة حتى مالية الأحزاب السياسية كما هو الشأن في التجارب المقارنة[11]، خصوصا وأنها تحتكر الإستفادة من التمويل العمومي هو خدمة الحملات الإنتخابية بصرف النظر عمن قام بها، هل هم مرشحون متحزبون أم مرشحون مستقلون؟ لماذا لم يتم التنصيص بالموازاة مع ذلك على إقرار التصريح بالممتلكات وقت الترشيح لتفادي الإثراء على حساب الصالح العام الإنتخابي، أو إقرار الوضعية الضريبية للمترشحين، فالجبائية هي التي تخدم المواطنة، لأنه كيف يعقل أن يتهرب المرء من أداء ضرائبه، بيد أنه ينفق الأموال الطائلة في الحملات الإنتخابية ودون حسيب ولا رقيب.
-            لائحة التوقيعات: وهنا ميز المشرع  وأكد أحكامه المجلس الدستوري بموجب قراره رقم 475-2002 السالف الذكر بين اللوائح المحلية وتلك الوطنية بالنسبة المستقلين، والتي يجب أن تكون حاملة لتوقيعات مصادقة عليها.
-           ففيما يخص اللوائح المحلية، فيجب أن يدلي المرشح بلائحة توقيعات مصادق عليها من طرف 100 توقيع عن كل مقعد من المقاعد المخصصة لكل دائرة، منها 80 من التوقيعات لناخبين ينتمون إلى الدائرة المعنية، و20 من التوقيعات لمنتخبي الجهة التابعة إلى الدائرة الإنتخابية. وإذا افترضنا أن الدائرة الإنتخابية تضم 5 مقاعد، فاللائحة المحلية المستقلة مطالبة بالحصول على 500 توقيع، وبذلك يتم تبني ماتم اقتراحه ضمن المشروع  الحكومي للقانون التنظيمي رقم 29.02[12]، وهذا نوع من التعجيز. فمن يحصل على 500 توقيع فكأنه بصدد تشكيل هيأة سياسية أو كأنه مرشح لمقعد رئاسة الجمهورية الفرنسية.
كما أن اشتراط التوقيعات المصادق عليها تتطلب فتح اعتماد بمحاسبة مالية، ثم كيف يتم اشتراط حصول توقيعات من منتخبين يومأ إليهم بأصابع الفساد، ومنبثقين من مؤسسات مزورة، ومعظمهم متحزب، وكيف للمتحزب أن يزكي غريمه المستقل وغير المتحزب؟ وإلا سيتم السقوط في العلاقات التقليدانية والشخصانية، الشيء الذي سيفرغ الأسلوب اللائحي من محتواه.
ويزداد وضع المستقلين قتامة عند محاولة وضعهم للائحة الوطنية، والتي تشترط 500 توقيع لأعضاء مجلسي البرلمان أو منتخبي الجماعات المحلية أو الغرف المهنية التابعة لنصف عدد جهات المملكة على الأقل  أو من بينهم  جميعا على ألا يقل عدد الموقعين في كل جهة 5 بالمائة من التوقيعات المطلوبة، فهل يستطيع زعيم حزب أن يجمع هذه التوقيعات ومن لدن قواعده الحزبية، فبالأحرى من منتخبين من جهات مختلفة، وإلا كيف يمكن تفسير الإنشقاقات الحزبية، بل والصراعات الوزارية داخل الحكومة الواحدة  والمنتمين للحزب الواحد، فكيف يتم تقعيد الشروط التعجيزية، وتبني اللامساواة وتكافؤ الفرص عملا بالقواعد الدستورية السامية في هذا الشأن، وانسجاما مع قواعد العدالة والإنصاف والأحقية في ولوج المناصب العمومية. وتبعا لذلك فلا يجوز فرض القيود التعجيزية على هذه الفئة محاباة لفئة أخرى، ذلك أن إحداث تمييز وتفرقة مابين المواطنين في ممارسة السيادة على الفئة المتحزبة وحرمان الفئة غير المتحزبة من المساهمة في ممارسة السيادة، وهو مالاتسمح به روح المساواة في المواطنة وبين المواطنين[13]، والتي من شأنها أن لاتخدم إدماج الفرد في المجتمع السياسي وتساهم في العزوف عن الحياة السياسية والحد من المشاركة السياسية[14] للعيوب القانونية والتنظيمية السالفة الذكر.
وبذلك فإن تأكيد قرار المجلس الدستوري للقواعد المعدلة للقانون التنظيمي رقم 31.97 المتعلق بمجلس النواب، جاء بعيدا عن صلابة أسانيد قراره الأول 2002-475 والذي اتسم بجرأة في كبح جماح المؤسسة التشريعية، إلا أن هدا القرار الأخير جاء فاقدا للتعليل خاصة على مستوى إقرار شروط في المرشحين المستقلين، والتي وإن كان المجلس الدستوري قد طالب بها في قراراه الأول (رقم 2002-475)، فكأنما كانت إرادته تنصرف فقط للإعتراف بأحقيتهم في الترشيح وعدم اقتصار ذلك على المتحزبين، كما كان ينص على ذلك القانون التنظيمي رقم 31.97 في مادته الخامسة والعشرين، والتي كانت تنص على أن ألوان المتحزبين تحدد بناءا على قرار لوزير الداخلية، في حين تحدد تلك الخاصة بالمستقلين بقرار عاملي، فهل طغى الجانب السياسي على الجانب القانوني؟أم أن تدبير الزمن السياسي(احترام توقيت الإنتخابات)، وهو المقعد دستوريا، كان له جانب الترجيح على القانون التنظيمي ( المكملة قواعده للدستور) وليبقى حق المستقلين في الترشح لعضوية مجلس النواب، وبالنظر للقيود والشروط التعجيزية مسألة لن تبرح النص الشكلي، وكأنه حق قد تم التناور عليه ليجهض في الرحم(البيضة) أو يولد ميتا.
ثانيا: أسلوب انتخاب أعضاء مجلس النواب.
لقد أقر القانون التنظيمي رقم 06.02 المعدل لسالفه رقم 31.97 المتعلق بمجلس النواب أسلوب الإقتراع اللائحي عن طريق التمثيل النسبي حسب قاعدة أكبر بقية محل نمط الإقتراع الأحادي الإسمي، مع إضافة تعديلات تهم حالات التنافي والأهلية والترشيح، فكيف ذلك؟
1-    حول نمط الإقتراع.
كما سبقت الإشارة، فإن المادة الأولى من القانون التنظيمي رقم 06.02 تبنت نمط الإقتراع اللائحي عن طريق التمثيل التناسبي حسب قاعدة أكبر بقية [15]، ودون مزج الأصوات أو تصويت تفاضلي.
وللإشارة، فإذا كان هذا الأسلوب معتمدا في الإقتراعات غير المباشرة بالنسبة لإنتخاب أعضاء المجالس الإقليمية والجهوية والتشريعية (مجلس المستشارين)، فإنه على مستوى الإقتراعات المباشرة، فإن الأسلوب الأحادي الإسمي هو الذي كان سائدا، وقد أثار نمط الإقتراع هذا جدلا سياسيا كبيرا ولدى مختلف الأوساط المهتمة بالشأن العام في شقه السياسي، بل لوحت بعض الأحزاب في البداية باللجوء إلى التحكيم الملكي أو التهديد بالإقتراع السري حين التصويت على نمط الإقتراع أو الدعوة إلى استفتاء شعبي[16]، لكن سياسة التوافق هي التي هيمنت في الأخير.
وعموما فإن لكل نمط اقتراع إيجابيات وسلبيات، وله آثار سياسية.
وبرر اللجوء إلى الإقتراع  اللائحي بالأسباب التالية:
-           هو أسلوب من شأنه أن يضمن تحقيق مشاركة الجميع في تدبير الشأن العام[17].
-           تجاوز سلبيات النظام الحالي والحد من ظاهرة شراء الأصوات، وفي هذا الصدد يقول الكاتب لامارتين:"بالإمكان تسميم كوب وليس بالإمكان تسميم نهر".
-           خلق وإحداث هزة نفسية لدى المواطن.
-           تفضيل البرامج والأفكار والمفاضلة بينها.
-           دفع الأحزاب السياسية إلى اختيار مرشحين أكفاء ونخب مؤهلة لتدبير الشأن العام التشريعي[18].
وبالرغم  من مزايا الإقتراع اللائحي وغيره، فهو لايخلو من مؤاخذات، ومنها:
-           التخوف من صعوبة فهم الأسلوب اللائحي من لدن الناخبين وعدم استيعابه من لدن المرشحين، وخاصة بالبوادي نظرا للأمية المتفشية، ولما يطرحه الأسلوب اللائحي من استيعاب لهندسة رياضية ولعمليات حسابية عند احتساب بقايا الأصوات وتوزيعها على المقاعد المتبقية.
-           توزيع الأصوات وتشتيتها بين اللوائح المتنافسة وتكريس تمثيلية الأحزاب الصغيرة، مما سيساهم في بلقنة الخريطة السياسية، وكأنه أسلوب أعد على المقاس ومتفاوضا حوله خاصة مع اعتماد تقسيم ترابي لدوائر انتخابية- ميكروسكوبية- حسب تعبير البعض[19]،والذي من شأنه أن ينزع" الطابع السياسي" عن هذه الإنتخابات، فهو إذن أسلوب جديد ولكن بعقلية قديمة، ومايزكي  هذا الطرح هو التهافت والتنازع حول التربع على رأس اللائحة، مما يفرغ أسلوب الإقتراع اللائحي من محتواه وتتم العودة للأسلوب الإسمي.
وتبعا لذلك، يمكن القول بأن اعتماد الأسلوب اللائحي بهذه الطريقة وبناءا على التقسيم المذكور للدوائر(مابين 3و5 مقاعد حسب العمالات والأقاليم) لمن شأنه أن يفضي إلى إعادة إنتاج نفس النخب، أو لم يقل دوكول في هذا الصدد:" إن أحسن نمط الإقتراع هو الذي يضمن فوز أصدقائك"، وإلا كيف يمكن تفسير ماصرح به الكاتب العام لحزب الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية أثناء المؤتمر السادس عن تفضيله للأسلوب الأحادي الإسمي في دورتين بالنسبة للإنتخابات التشريعية[20]، وهو مافضله كذلك حزب جبهة القوى الديمقراطية في مؤتمره الأول، أو حزب الإستقلال مع الدعوة لمرشح مشترك إضافة إلى أحزاب أخرى، هذا من جهة ، ومن جهة أخرى فإن إلصاق التهم بالأسلوب الأحادي الإسمي مسألة قد تخفي بؤس السياسات المتبعة وصرف الإنتباه عن التزوير الذي كان يشوب العملية الإنتخابية، علما أنه كما يقال:"إن القوانين لاتصلح إلا بما صلح بها أهلها". ناهيك على أن الأسلوب الأحادي الإسمي  ينسجم مع المناخ السوسيوسياسي المغربي، فإذا كان هذا الأخير يخدم الأشخاص بالدرجة الأولى، فأسماء القبائل المغربية هي أسماء أشخاص كذلك(أولاد حريز، أولاد دليم، بني مسكين، بني مالك، أولاد سعيد إلخ...)، وليست أسماء مناطق كما هو الشأن في أوروبا. كما أن شيوع ثقافة التصويت على "ولد الدرب" بالمدن لتعبير عن انفتاح على المجتمع المدني –الحضري.
فللأسلوب الأحادي الإسمي أبعاد سوسيولوجية-حضرية وقروية، كما أنه يحيل على السيادة الشعبية، وتبعات هذه الأخيرة هي قاسية جدا، خاصة على مستوى مراقبة ومحاسبة الناخب للمنتخب، في حين أن من نتائج السيادة الوطنية هو التملص إلى حد ما من ترك المراقبة (عياء النخبة وانتهازيتها)، فالمرجعية الديمقراطية التي ينبغي اعتمادها في العملية هي الهيأة الناخبة بالدرجة الأولى.
2-الأهلية للترشيح وموانعها.
ففي سبيل تخليق المسلسل الإنتخابي وتطهير حقل الشأن العام لتوسيع قاعدة المشاركة السياسية ثم التنصيص على بعض البنود التي تندرج في هذا المجال،فقد أطلقت فقرة القانون التنظيمي رقم 02-06 صنفا  آخر من الأشخاص الممنوع عليهم الترشيح لعضوية مجلس النواب، حيث اعتبرت بأن الأشخاص المدانين أخلاقيا وبشكل نهائي بعقوبة حبس نافذة أو موقوفة التنفيذ مهما كانت مدتها من أجل الجنايات والجنح المتعلقة بشراء الأصوات أو دفع الناخبين للإمساك عن التصويت (المادة56)[21]، أو تلقي رشاوي أو التوسط في الرشوة السياسية (المادة60 )[22]،حيث يتم حرمانهم من التصويت لمدة سنتين ومن حق الترشيح لإنتدابين متوالين، وهذا التخليق يأتي بلورة وتجسيدا للدعوة الملكية التي تضمنها خطاب افتتاح الدورة الأولى للسنة التشريعية الخامسة في 12 أكتوبر 2001،إذ حث جلالته على جعل نزاهة الإنتخابات كمدخل لمصداقية المؤسسات موجها بذلك الدعوة للسلطات العمومية والأحزاب السياسية لتتحمل مسؤوليتها كاملة في توفير الضمانات القانونية والقضائية والإدارية[23]، وجدد نفس الدعوة في خطاب 20 غشت 2002 داعيا الأحزاب إلى تقديم مرشحين في مستوى التحديات التي يمر منها المغرب.
وأضافت الفقرة الثانية من المادة السابعة من القانون التنظيمي رقم 06.02 إلى لائحة غير المؤهلين للترشيح رؤساء المصالح الخارجية للوزراء في الجهات والعمالات والأقاليم ورؤساء المؤسسات العمومية ومسيري شركات المساهمة، والتي تملك الدولة أكثر من 30 بالمائة من رأسمالها بشكل مباشر أو غير مباشر، ويمنع هؤلاء من الترشيح أثناء مزاولتهم لمهامهم أو قبل مرور سنة من انقضاء تلك المهام[24].
وإذا كان هذا الإجراء يساهم في الحد من استغلال النفوذ  الإداري والسلطوي، والذي يشكل في الآن ذاته عدم الإخلال بمبدأ تكافؤ الفرص إزاء المرشحين العاديين الآخرين، فكان حري بالمشرع التنصيص على عدم ترشيح الوزراء ورؤساء الجهات، كما لاحظ ذلك بعض النواب أثناء مناقشة المشروع داخل اللجنة المختصة بمجلس النواب[25].
وأشارت المادة العاشرة من القانون التنظيمي رقم 06.02 إلى حالات جديدة من انعدام الأهلية، والتي بموجبها لايجوز الجمع بين العضوية في مجلس النواب  وتلك الخاصة بمجلس المستشارين. وأضافت الفقرة الثانية من المادة العاشرة المذكورة، بأن كل عضو في مجلس النواب يرغب في الترشيح لعضوية مجلس المستشارين، يتعين عليه تقديم استقالته مسبقا من عضوية المجلس المنتمي إليه، وتقديم الإستقالة لرئيس مجلس النواب، وإذ تعد هذه الفقرة بمثابة خلط بين حالة التنافي التي أشار إليها القانونين التنظيميين لمجلسي البرلمان لسنة 1997، وعدم الأهلية للترشيح كما صاغتها المادة العاشرة من القانون التنظيمي المذكور، وهو ماتصدى له المجلس الدستوري في قراره رقم 2002-475، حيث لاحظ سقوط المشرع في فخ التناقض والخلط بين حالة التنافي وموانع الأهلية للترشيح. فإقرار تنافي بين المهام الإنتدابية لايترتب عنه منع الشخص الحاصل على الإنتداب من الترشيح لإنتخاب جديد، ويستطرد المجلس الدستوري في اجتهاده :
"فهذا الإقرار لايشكل سوى مانع قانوني يحول في حالة فوز المعني بالأمر في الإنتخاب دون الإحتفاظ بالإنتداب النيابي، إضافة إلى المهمة الإنتخابية الجديدة المتنافية مع هذا الإنتداب". وإن هذا المقتضى الجديد يعد تحويرا معيبا وتحويلا عمليا لحالات التنافي إلى مانع للترشيح، مما يعتبر غير مطابق لأحكام الفصل 37 من الدستور[26].
وهكذا يتبين أن حالة التنافي تكون بعدية (أي بعد الفوز)، في حين أن حالة المنع فهي قبلية، وإن حاول البعض تبرير ماذهب إليه القانون التنظيمي من خلط، فلأجل تجنب استغلال النفوذ والمنصب السياسي لأعضاء البرلمان(التمتع بالحصانة ورئاسة الجماعة...) الراغبين في الترشيح للمجلس الآخر، وهو بذلك يكون في وضعية امتيازية مقارنة  مع المرشحين الآخرين، في حين أن هذا الدفع ينطبق حتى على النواب الحاليين، والذين قد يكونوا وزراء أو رؤساء جهات أو زعماء أحزاب، وقد يترشحون لعضوية مجلس النواب، مما قد يشكل إخلالا بمبدأ تكافئ الفرص بين المرشحين هذا من جهة، ومن جهة أخرى يمكن القول أن إرادة القاضي ذهبت في اتجاه تجنب التضييق الذي قد يطال حق الترشيح.
ومن أجل مطابقة دستورية هذه المقتضيات مع قرار المجلس الدستوري، نصت المادة 4 مكررة من القانون التنظيمي رقم 29.02 المتعلق بمجلس النواب على عدم أهلية الترشح لإنتخاب أعضاء مجلس المستشارين[27] ،كما تم استنساخ أحكام المادة 14 من القانون التنظيمي رقم 30.97 المتعلق بمجلس المستشارين حسب مانصت عليه المادة الثانية من القانون التنظيمي رقم 30.02 المتعلق بمجلس المستشارين، وهو ما أكد دستوريته المجلس الدستوري في قراريه رقم2002-477و 475.2002، وبذلك يكون المجلس الدستوري قد وجه عمل المشرع من خلال قراره الأول الفاحص لدستورية القانونين التنظيميين لمجلس النواب والمستشارين، وهو الدور الذي قلما لعبه هذا المجلس ذو العقد الأول من عمره.
هذا وتجدر الإشارة إلى أن مقتضيات الفقرة الثانية من المادة 11 من القانون التنظيمي رقم 06.02 كانت قد نصت على حالة التنافي من خلال عدم الجمع بين  العضوية في مجلس النواب مع أكثر من رئاسة واحدة لجماعة محلية أو مجموعة حضرية أو غرفة مهنية، وبذلك يساهم المشرع في التخفيف من حدة الجمع بين عدة مهام وانتدابات وظيفية، مما يعطي الفرصة في توسيع دائرة المساهمين في اتخاذ القرار، وهذه مسألة محمودة تسجل للمشرع ،وتطور إيجابي عن مضمون المادة 11 من القانون التنظيمي رقم 31.97 والمادة 15 من القانون التنظيمي رقم 32.97،واللتين كانتا تنصان على عدم الجمع بين العضوية في مجلس النواب وأكثر من رئاستين اثنتين لجماعة محلية أو مجموعة حضرية أو غرفة مهنية، وكان المطمح هو التنصيص على الفصل التام بين الجمع مابين المسؤولية المحلية والإنتداب البرلماني أو التزوير كما هو الشأن في التجارب المقارنة مثل المادة 122 من الدستور الإيطالي التي تحرم الجمع بين عضوية المجلس الجهوي وأحد غرفتي البرلمان أو أي مجلس جهوي آخر، حتى يتم التفرغ للمهام والسماح لأوسع الفئات في أخذ نصيبها في تسيير الشأن العام وعدم احتكاره[28].
الفقرة الثانية: حول سير العملية الإنتخابية.
تندرج ضمن محاور هذه الفقرة ماحبل به المشرع من مستجدات في هذا الشأن سواء بشكل صريح أو ضمني كالتصويت على لائحتين وطنية ومحلية، ومحاولة تخصيص الأولى للترشيحات النسوية (موضوع المحور الأول) ثم الإشارة إلى بعض الأحكام الخاصة بالحملة الإنتخابية وبعمليات التصويت (موضوع المحور الثاني).
أولا: لوائح الترشيح ومسألتي التقطيع الإنتخابي والكوطا.
إذا كان القانون التنظيمي الخاص بمجلس النواب قد جاء بجديد التصويت على لائحتين، فقد ترك أمر تقسيم الدوائر الإنتخابية للتشريع الفرعي.
1.     لوائح الترشيح ومسألة التقطيع الإنتخابي.
استهلت المادة 20  من القانون التنظيمي رقم 06.02 بالإشارة إلى تنظيم وتأطير العملية الإنتخابية من خلال التنصيص على إيداع الترشيحات بواسطة وكيل اللائحتين المحلية والوطنية بمقر العمالة أو الإقليم بالنسبة للائحة الأولى وبمقر كتابة اللجنة الوطنية للإحصاء  بالنسبة للثانية[29].
وللتذكير، فإن القانون التنظيمي رقم06.02 قد حافظ على نفس عدد الأعضاء المكونين لمجلس النواب، والمتمثل في 325 نائبا، كما جاءت بها مقتضيات المادة الأولى من القانون التنظيمي لمجلس النواب رقم 31.97، إلا أن جديد المادة الأولى من القانون التنظيمي  رقم 06.02 هو تقسيم عدد النواب إلى شطرين، يضم الشطر الأول 295 نائبا منتخبين ضمن دوائر محلية، ويضم الشطر الثاني لائحة وطنية تخصص لها 30 مقعدا الباقية.
وفيما يخص اللوائح المحلية فإن تقسيم دوائرها يتم بموجب مرسوم حسب مانصت عليه المادة الثانية من القانون التنظيمي رقم 06.02، والمكرس في الآن ذاته لنفس الإجرائية السابقة، وهذا لايرقى إلى مستوى بعض التجارب الدستورية المماثلة في هذا الشأن، فالمادة 122 من الدستور الجزائري  لسنة 1996 تنص على أن التقسيم الإقليمي للبلاد هو من اختصاص التشريع العادي (القانون) وليس التشريع الفرعي (مرسوم أو قرار)، وهو ماسلكت مسلكه المادة 57 من دستور موريطانيا لسنة 1991.
وهكذا يلاحظ بأن عدم ارتقاء تحديد الدوائر المحلية بواسطة القانون لمن شأنه أن يحرم ممثلي الأمة من مراقبة هذه الإجرائية الحاسمة في العملية الإنتخابية، وفي نفس الوقت يتم حرمان المجلس الدستوري من بسط رقابته في حالة الإحالة عليه لفحص دستورية القانون[30] عند عدم احترام القواعد القانونية المقعدة لعملية التقسيم الإنتخابي  وفقا للمبادئ والقواعد الدستورية السامية، هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن اللوائح الوطنية والمخصص لها 30 مقعدا يتم التباري عليها على أساس وطني، ويتم تحديدها بموجب القانون التنظيمي والخاص بمجلس النواب نفسه[31].
وللإشارة، فإن اللائحة الوطنية كان قد خصها مشروع وزارة  الداخلية للقانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب، وباتفاق مع الأحزاب السياسية كحصص للنساء، لكن المشروع الحكومي تخلى عن ذلك.
2.     اللائحة الوطنية ومسألة الكوطا.
أجج الخطاب الحزبي والسياسي بشكل عام النقاش حول منح حصص مخصصة للنساء، ونفخ في تمثيلية المرأة في المؤسسة البرلمانية بشكل أحبط بعض الأوساط النسوية، وأصابها بالخيبة من جراء ورود المشروع الحكومي للقانون التنظيمي رقم 06.02 مبتورا من التنصيص الصريح على تخصيص مقاعد اللائحة الوطنية للنساء [32]،بل قدم المشروع إلى البرلمان ناصا على أن هذه اللائحة تعتمد فقط على الفصل الثاني من الدستور( والتي لاتفرق بين الذكر والأنثى). وإذ حذفت هذه العبارة – النشاز- من النص النهائي، فخيرا فعل المشرع متجنبا بذلك مزيدا من تقليم أظافره من طرف القاضي الدستوري، والذي كان على أهبة الإستعداد – حسب مايستشف من تعديلات قراره الأول – للتصريح بعدم دستورية الكوطا النسائية لمخالفتها لقاعدة المساواة[33].
والجدير بالإشارة إلى أنه إذا كان نظام الكوطا يعبر عن إرادة سياسية، ورغبة المشرع في الرقي أو الدفع بتحديث المجتمع، وبالتالي ضمان المشاركة الفعلية للنساء، فهو نظام تعمل به بعض الدول كإيطاليا والأرجنتين والبرازيل، واعتمدته بعض الأحزاب في الدول الإسكندنافية[34].
ورحبت بنظام الكوطا فعاليات نسوية في الحقل السياسي والمجتمع المدني. وتحفظت منه نساء أخريات حسب تصريحات متعددة نقلتها وسائل الإعلام المكتوبة على وجه الخصوص، فهناك من اعتبر بأن نظام الكوطا هو بمثابة تحقير للمرأة وتقليص من مكانتها[35]، وهو يأتي تبعا لذلك كصدقة أو هدية[36]، وقد يكون إقراره مدعاة لبعض الفئات الإجتماعية الأخرى (كالمعوقين) للمطالبة بحصة تمثيلية مماثلة، وهو ضرب للمنافسة الحرة، كما لاحظ ذلك أحد النواب أثناء مناقشة المشروع أمام اللجنة المختصة بمجلس النواب، كما أنه نظام أقرب إلى التعيين منه إلى الإنتخاب. وما تجدر الإشارة إليه في هذا الشأن أن سويسرا رفضت نظام الكوطا النسوية بنسبة 81,8 % أثناء  استفتاء 12 مارس 2000 خشية أن توضع الكوطا من أجل وضع لاتختار فيه المرأة لكفاءتها[37].
كما سبق للمرصد الفرنسي من أجل تكافؤ الفرص أن قدم تقريرا في 18 أكتوبر 1995، يقضي بإقرار نظام الكوطا عبر تضمين لوائح الترشيح بنسبة حضور نسوي، كما يقترح التقرير الإنتقال من نمط الإقتراع الإحادي الإسمي إلى الثنائي الإسمي، وبموجبه يتقدم مرشحان من نفس اللون السياسي (ذكر وأنثى) في كل دائرة انتخابية، يفوزان معا في حالة الحصول على أغلبية الأصوات مع العمل على تجنب مضاعفة الفائزين بإدماج دائرتين في واحدة، ولقد سار الحزب الإجتماعي الديمقراطي بالسويد في نفس الإتجاه ، وعمل على تضمين كل لائحة ( امرأة – رجل امرأة، رجل) أو العكس، فهل تستفيد الطبقة السياسية المغربية من التجارب المقارنة، وتعمل على تحديث مكونات المجتمع؟

ثانيا: تأطير عمليات التصويت.
أشارت المادة 25 من القانون التنظيمي لمجلس النواب رقم 06.02 إلى مسألة الرموز المعوضة للألوان والمحددة بقرار لوزير الداخلية، في حين أشارت المادة 31 إلى ملصقات الحملة الإنتخابية، والتي لاينبغي أن تكون ذات لون أحمر أو أخضر أو الجمع بينهما[38]. في حين يسمح باستعمال الأوراق البيضاء[39]، كما تضمن النص التنظيمي الجديد من خلال الرفع من الأماكن المخصصة لتعليق الإعلانات الإنتخابية، كما حددت فترة إجراء الإنتخابات مابين الساعة الثامنة صباحا والسابعة مساءا، وبالتالي تم حذف الإمكانية التي كانت مخولة للعامل لتمديد الوقت[40]. لكن ما يهم في هذا المحور هو المستجد المتحكم في مكاتب التصويت وإجرائية هذه العملية المقدسة- التصويت-.
1.     حول تشكيل مكاتب التصويت.
لقد  أصبحت مكاتب التصويت[41] تتكون من ثلاثة أعضاء عوض أربعة، كما كانت تقضي بذلك أحكام المادة 68 من القانون التنظيمي رقم 31.97 المتعلق بمجلس النواب، وحسنا فعل المشرع بهذا التخفيض حتى ينسجم  مع واقع حال المغرب، إذ أصبح مساعدو الرئيس المعينين من طرف العامل والمساعدين لرئيس المكتب من الناخبين  غير المرشحين والعارفين للقراءة والكتابة، وهذا ينسجم حتى مع نمط الإقتراع اللائحي، وحسب أكبر بقية، والذي يستدعي بالنسبة للمشرفين على العملية الإنتخابية الإلمام بالقراءة والكتابة وبعمليات الحساب، وفي حالة غياب المساعدين يعين العامل نوابا لهم،  وقد تسهل مأمورية العامل في هذا الشأن بسبب تخفيض عدد نواب الرئيس. ولعل المشرع في إدراكه لأهمية هذا الجانب فلربما كان قد استأنس  بقرار المجلس الدستوري رقم 272.99 السالف الذكر، والذي كان قد أصدره بخصوص الطعن  الذي تقدم يه السيد محمد اشماعو كمرشح قصد إلغاء نتيجة اقتراع 14 نونبر 1997، الخاصة بدائرة المزرعة ( عمالة سلا) ضد الفائز جمال أغماتي تحت ذريعة أن مكتبا التصويت رقم 34 و 36 كانا مكونين من رئيس وعضوين فقط خلافا للمادة الثامنة والستين من القانون رقم 31.97، والتي كانت تنص على أن المكتب يتكون من رئيس وأربعة أعضاء، وان التقيد بأحكام القانون المتعلقة بتشكيل مكاتب التصويت، يستنتج المجلس الدستوري، بعد إجراء جوهري لضمان سلامة الإقتراع، وإن من شأن عدم مراعاته أن يحول دون الإطمئنان إلى صحة الأصوات المدلى بها، ويستجيب بالتالي عدم الإعتداد بالنتيجة، وتبعا لذلك فإن تخفيض عدد أعضاء المكاتب لمن شأنه أن يجنب الغيابات المحتملة والإكراهات المادية، ويتفادى السقوط في عدم استقرار الأوضاع نتيجة عدم احترام هذا المقتضى القانوني.



2-  عمليات التصويت وقرار المجلس الدستوري.
تجدر الإشارة بداية إلى أن أحكام المادة 65 من القانون التنظيمي رقم 06.02 المتعلق بمجلس النواب، كانت قد نصت على أن التصويت حق وواجب وطني، وفي ذلك مزج بين أساسي مشروعية الديمقراطية: السيادة الشعبية والسيادة الوطنية[42].
ولقد نصت المادة  الثانية من القانون التنظيمي المذكور على أن التصويت سيتم بواسطة ورقة فريدة، والتي تم الإهتداء إليها، حسب ماصرح به وزير الداخلية أمام اللجنة المختصة بمجلس النواب لتجنب تعدد الأطراف، والتي كانت أداة لتشجيع المناورات التدليسية، الممثلة في شراء الأصوات ولتحسين الأداء الإنتخابي بواسطة الورقة الفريدة، هذه الأخيرة تتضمن جميع البيانات التي تساعد الناخب على التعرف على اللوائح المعروضة على اختياره في الدائرة الإنتخابية المعنية.
ويصوت نفس الناخب[43] بواسطة نفس ورقة التصويت لفائدة اللوائح المقدمة في الدائرة الإنتخابية ولفائدة اللائحة الوطنية المطابقة والمقدمة من طرف نفس الحزب. ولقد تصدى المجلس الدستوري في قراره رقم 2002-475 الصادر في 25 يونيو 2002 لهذا المقتضى، والقاضي باحتساب الصوت الواحد مرتين لفائدة اللائحة المحلية و الوطنية، معللا قراره هذا بالمساس بمبدأ الحرية والإرادة الحرة للناخبين، علاوة على الإشكالات القانونية والدستورية التي تطرحها، فالناخب الذي يختار التصويت على لائحة انتخابية ليس لها امتداد على الصعيد الوطني، فإنه يحرم من المشاركة على هذا المستوى خلافا لناخبين آخرين، وفي حالة إقرار إلزامية لائحة وطنية لقبول ترشيح لائحة محلية ليس بحرية الترشيح، واللائحة الوطنية المقدمة من طرف حزب ليس لها لائحة محلية ستكون معرضة للإخلال بالفرص، كما أن تصويت ناخب ما لفائدة لائحة محلية محتسبة كذلك على لائحة وطنية يجعل الناخب غير مستقل، ويمس بمبدأ الإختيار بين لائحتين وطنية ومحلية. وتبعا لذلك فإن اختيار اللائحة الثانية سيكون بمقتضى القانون مجرد نتيجة للإختيار الأول، وليس تعبيرا مباشرا عن إرادة الناخب، وهي لا تطابق توجيهات الناخب الحقيقية، وهو أمر كان من الممكن تفاديه لو أعطيت للناخب بطريقة مستقلة فرصة التصويت على لائحة محلية وأخرى وطنية[44].
وبناءا عليه، فالمجلس الدستوري اعتبر بأن أحكام المادة 65 المعدلة مخالفة لحرية التصويت والمساواة بين الناخبين وبين اللوائح الإنتخابية، وفي ذلك عدم مطابقة للقواعد الدستورية.
ولقد لقي قرار المجلس الدستوري وتعليلاته هاته، إشادة واستحسانا لدى المتتبعين وخاصة الباحثين، حيث خلص أحدهم إلى أن هذه الحيثيات والتعليلات الخاصة في هذا المجال، والتي تضمنها قرار المجلس الدستوري لتعتبر بحق أهم ما جاء به لاتخاذه المساحة الكاملة لتعليل  قراره تعليلا كافيا وواضحا، وتعداه لإقتراح الحلول ولو كان المشرع قد اتبعها لكان قد حافظ فعلا على مبدأي الحرية والمساواة أساسا كل نظام ديمقراطي[45].
ومن أجل التطابق مع توجيهات المجلس الدستوري صدر الظهير الشريف رقم  1.02.213 الصادر في فاتح غشت 2002 بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 29.02 والقاضي بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 31.97 المتعلق بمجلس النواب، كما وقع تغييره وتتميمه بالقانون التنظيمي رقم 06.02[46]، ليعدل من طريقة التصويت وتصبح وفقا للمادة 65 (الفقرة الثانية) تتم من خلال وضع الناخب لعلامة تصويته في المكان المخصص للائحة المحلية وعلامة أخرى للائحة الوطنية، والمتضمنتين معا ضمن ورقة تصويت فريدة، وللإشارة في هذا الشأن فإن المرسوم رقم 2.02.598 الصادر في 7 غشت 2002، قد حدد البيانات التي تتضمنها الورقة الفريدة كبيان الدائرة الإنتخابية والعمالة والإقليم التابعة له والإنتماء السياسي للائحة عند الإقتضاء، والإسم الشخصي والعائلي لوكيل اللائحة بالنسبة للوائح المحلية، ولوائح الترشيح المقدمة على الصعيد الوطني، وكذا الرمز المخصص لها ( المادة الأولى). وترتب لوائح الترشيح المحلية وتلك الوطنية في ورقة التصويت الفريدة بحسب تاريخ تسجيل لوائح الترشيح المقدمة على صعيد الدائرة المحلية( المادة الثانية)، كما أن حجم ورقة التصويت يختلف حسب عدد لوائح المرشحين أو عدد الترشيحات الفردية المقدمة في الدائرة الإنتخابات المحلية ( المادة الثالثة).
وبالرغم من البساطة التي تطرحها مسألة التصويت ضمن الورقة الفريدة، فهذا لن يشفع لها من بعض الصعوبات، خاصة بالنسبة للناخبين الأميين والمسنين، إذ قد يصبحون أسيري توجيه رئيس مكتب التصويت في وضع العلامة، وفي ذلك مس بقدسية سرية الإقتراع  وبالتالي بحرية الناخبين، وكما يقال "فلا حرية بدون سرية الإقتراع ولاسرية التصويت بدون حرية"[47]، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فقد أشارت المادة 68 من القانون التنظيمي رقم 06.02 على مقتضى جديد أثناء العملية الإقتراعية، ويتمثل في وضع مداد غير قابل للمحو بسرعة على يد الناخب[48]، ولا يجب إغفال الإشارة إلى تقنيات احتساب الأصوات من طرف اللجان المحلية والإقليمية للإحصاء وكذا اللجنة الوطنية، مع العلم أن اللوائح التي ستحصل على أقل من 3 بالمائة من الأصوات المعبر عنها في الدائرة الإنتخابية المعنية لاتشارك في عملية  توزيع باقي المقاعد[49].
وعموما، فإن احترام جدولة توقيت إجراء الإنتخابات التشريعية المتعلقة بالإقتراع  العام لأعضاء مجلس النواب كما ينص على ذلك الدستور، لكن هذه الإنتخابات ستكرس، مما لاشك فيه، مرحلة التأهيل السياسي والإنتقال الديمقراطي في انتظار احترام جدولة الزمن الموضوعي للعملية الإنتخابية ، وذلك من خلال القيام بالتدابير التالية:
·          تعديل دستوري كميثاق سياسي وتعاقدي.
·          تشبيب الحياة السياسية من خلال تخفيض السن الإنتخابي إلى 18 عوض 20 سنة.
·          دمقرطة المشهد الحزبي.
·          ضمان نزاهة الإنتخابات وإقرار آليات لمراقبة صرف التمويل العمومي في الحملات الإنتخابية.
·          إشراك المجتمع المدني في مراقبة العملية الإنتخابية من خلال التنصيص على أحقية المراقبين في هذا الشأن.





[1]  لقد كانت الإنتخابات التشريعية لسنة 1963 مسبوقة بوضع أول دستور سنة 1962، وانتخابات سنة 1977 بتعديل دستوري لسنة 1972، وسبقت الإنتخابات التشريعية لسنتي 1993 و1997 تعديلات همت الوثيقة الدستورية لسنتي 1992 و1996.

[2] لتغنيه قبل عرضه على أنظار البرلمان بتعديلات طالت 40 مادة من أصل 84، حسب ماجاء في معرض تدخل لوزير الداخلية أمام اللجنة المختصة بمجلس النواب (مطبوع حول مشاريع النصوص الإنتخابية، الأمانة العامة، مصلحة اللجان، الولاية التشريعية1997-2002،طبع مصلحة الطباعة والتوزيع بمجلس النواب).
[3] وقد سبق كل هذا مرور المشروع بجولات مكوكية مابين عدة لجان حكومية وملكية وتقنية وبمشاورات حزبية مسبقة ومواكبة.
[4]  وبهذا يمكن الملاحظة على أنها المرة الثانية، وفي ظرف سنتين، يتصدى فيهما المجلس الدستوري لكبح جماح المؤسسة البرلمانية بشقيها ( النواب والمستشارين)، إذ سبق للمجلس الدستوري أن تصدى في قراره رقم 2000/405 الصادر في 28 يونيو2002 لعدم دستورية المادتين 106و 107 المعدلتين للنظام الداخلي لمجلس المستشارين بخصوص مسألة إجرائية القرعة لتجديد ثلث أعضاء هذا المجلس، إضافة إلى قراره رقم 2002/475 المذكور.
[5]  كما أصدر المجلس الدستوري قراره رقم 2002/476 في 25/06/2002 الخاص بعدم دستورية القانون التنظيمي لمجلس المستشارين رقم 05/07.
[6]  للتوسع في أحكام القانون التنظيمي رقم 29.02 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 213. 02.1 بتاريخ فاتح غشت 2002، وكذا التعديل الذي هم القانون التنظيمي رقم 32.97 المتعلق بمجلس المستشارين بموجب القانون رقم 30.02 وكذا قرار المجلس الدستوري رقم 477.2002، يرجع للجريدة الرسمية رقم 5026 بتاريخ فاتح غشت 2002.
[7] لقد حاول المشرع تقنين واقع عملي مستند لخطاب ملكي في 20 غشت 1984، تأويلا للفصل الثالث من الدستور المؤطر لدور الأحزاب في تأطير المواطنين، وبموجب ذلك رفضت طلبات المستقلين للترشح، وهذا الخطاب جاء بناءا على طلب من الأحزاب السياسية، رغم أن حرية الإنتماء والإختيار حق يضمنه الدستور من تدخل وزير الداخلية أمام اللجنة المختصة بمجلس النواب، وللإشارة فأثناء الإنتخابات التشريعية ل 14 نونبر 1997، كانت المحكمة الإدارية بوجدة قد أصدرت قرارا يقضي بإلغاء قرار عاملي حال دون ترشيح لامنتمي، لكن الإدارة لم تلتزم بتنفيذ هذا القرار القضائي، كما أن منع المستقلين طال حتى الترشيح لعضوية مجلس المستشارين لسنة 1997، بعدما رفع أعضاء اللجنة الوطنية لتتبع الإنتخابات التماسا إلى جلالة الملك، يقضي باقتصار الترشيح على المتحزبين لما يقتضيه الصالح العام، لقيام تشابه مابين مجلسي النواب والمستشارين،. عمر أحرشان، قراءة أولية في قرار المجلس الدستوري، جريدة المستقل في 7/05/2002،ص 21. رغم أن مجلس المستشارين يتشكل من ممثلي منتخبي الجماعات المحلية، وضمنهم المنتخبون المستقلون
[8]  المادة 21 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمواطن، والمادة 25 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.

[9]  أسامة أحمد شتات، قانون الإدارة المحلية، دار الكتب القانونية، 1997، ص 160 فما فوق.
[10]  خالد سمارة الزعبي، تشكيل المجالس المحلية وأثره على كفايتها، مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع، 1994، ص 94.
[11]  أحمد حضراني، حول قرار المجلس الدستوري الأخير: ترشيح المستقلين لعضوية مجلس النواب : المولود الميت، جريدة البيضاوي، عدد 14، في 16 غشت 2002، ص 9.
[12]  وعلق البعض على هذا النص بأنه مادة " التزكية الحزبية"، عبد الواحد بن مسعود، محنة المرشح غير المنتمي، تعليق على قرار المجلس الدستوري، الأحداث المغربية بتاريخ 23 غشت 2002، ص 13.
[13]  عبد الواحد بن مسعود، م.س، ص 13.
[14]  أحمد حضراني، المشاركة السياسية والإنتخابات: دور الإعتماد التشريعي، جريدة البيضاوي، عدد 16 بتاريخ 30 غشت 2002، ص 15.
[15] وكانت أحكام المادة الأولى من مشروع النص الحكومي تقترح أسلوب الإقتراح اللائحي حسب قاعدة أكبر معدل.
[16]  صرح امحند العنصر زعيم حزب الحركة الشعبية من تشبث حزبه بأسلوب الإقتراع الأحادي الإسمي، وأكد أنه سيدعو إلى إجراء استفتاء حول نمط الإقتراع، جريدة كازابلانكا، بتاريخ 15/22 فبراير 2002، ص 19.
[17] من تصريح لوزير الداخلية أمام اللجنة المختصة بمجلس النواب.
[18]  إن مزايا الأسلوب اللائحي المذكور قد لاتؤدي الهدف المتغيأ منها بالنظر لطبيعة المجتمع المغربي ولواقع المشهد الحزبي، وما الصراع حول رأس اللائحة إلا وعربون على ذلك.
[19]  من تصريح لفريق التجديد والتقدم بمجلس النواب لجريدة الأيام، العدد 40 في 6/12 يونيو 2002، ص 6.
ذلك أن تقسيم الدوائر المحلية كان على أساس إقليمي ( مابين 2 و5 دوائر) وليس جهوي كما نص على ذلك مرسوم رقم 2.02.587 في 7 غشت 2002 بإحداث الدوائر لإنتخاب أعضاء مجلس النواب وتحديد عدد المقاعد المخصصة لكل دائرة، جريدة رسمية عدد 5028، بتاريخ 8 غشت 2002.
[20]  وهذا ما دعا إليه الفريق الكونفدرالي بمجلس المستشارين أثناء مناقشة مشروع القانون التنظيمي، مبررا ذلك بضعف التأطير في العالم القروي ولبقنة الخريطة السياسية، وبالتالي فإن نمط الإقتراع الأحادي الإسمي هو الأنسب لهذا الواقع السياسي، كما أن اللائحة ستساعد على الترحال الحزبي بسبب الصراع حول رأسها، عبد القادر أزرعي، تصريح لجريدة  الأيام، عدد40، م.س، ص 9.
[21]  قد يلتبس الأمر ويتم الخلط بين الدعوة للإمساك عن التصويت وموقف المقاطعة، وهو موقف سياسي يندرج في إطار حرية الإختيار.
[22]  فأثناء الإنتخابات يبرز سوق – اقتصاد الإنتخابات- يروج لرؤوس أموال كبيرة جدا وباستعمال المال تتم عملية استمالة الناخبين، وبالتالي بروز إقطاعيات انتخابية( من استجواب لبنيونس المرزوقي، جريدة الصحيفة، عدد 63 بتاريخ 26 أبريل و 2 ماي 2002، ص 26.
[23]  الصحراء المغربية، عدد 4650، بتاريخ 13 أكتوبر 2001، ص 2.
[24]  وكان المشروع يقترح قبل عرضه على البرلمان مدة لاتقل عن 6 أشهر عن تاريخ الإقتراع.
[25]  مذكرا في نفس الوقت بما تم طرحه سنتي 1992 و1997 حينما طلب من  الوزراء مغادرة الحكومة أثناء الإنتخابات، وكانت هذه الرغبة نابعة من أحزاب المعارضة آنذاك، لكنها تجاهلته اليوم، وهي في موقع المسؤولية.
[26]  إن انعدام الأهلية التي نص عليها القانون التنظيمي رقم 07.02 المتعلق بتغيير و تتميم القانون التنظيمي رقم 32.97 الخاص بمجلس المستشارين قد تصدى لها كذلك المجلس الدستوري  في القرار رقم 2002/476، الصادر في 25 نونبر 2002، واعتبرها مخالفة للدستور.
[27]  أعلن عمارة الحاج العمارة عضو بمجلس المستشارين والمنتمي لحزب الحركة الوطنية الشعبية عن استقالته من المجلس، قصد الترشح لإنتخابات مجلس النواب بالدائرة الإنتخابية (شيشاوة) عن نفس الحزب، وكان الكاتب العام للحزب الوطني الديمقراطي (مستشار)، قد أعلن عن رغبته في تقديم استقالته من مجلس المستشارين للترشح لعضوية مجلس النواب بدائرة برشيد، الأحداث المغربية، عدد1317، في 30 غشت 2002،ص 1.
[28]  للمزيد في هذا الموضوع، يرجع إلى أحمد حضراني، المشاركة السياسية والإنتخابات: دور الإعتماد التشريعي، م.س، ص 15.
[29]  تتألف اللجنة الوطنية للإحصاء من رئيس غرفة بالمجلس الأعلى  وقاضي بالغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى معين من طرف الرئيس الأول، لهذا المجلس وممثل لوزير الداخلية ككاتب للمجلس، ويمكن أن يمثل كل لائحة للمرشحين أو كل مرشح مندوب يحضر أعمال اللجنة.
[30]  المجلس الدستوري يراقب القوانين وليست المراسيم.
[31]  يعلن أحد الباحثين في هذا الشأن على التمييز بين اللوائح المحلية المحددة بمرسوم واللوائح الوطنية المحددة بقانون تنظيمي أنها مسألة مخالفة للدستور،لأنها تخرق مبدأ المساواة بين المرشحين، وكان ينبغي أن يترك إحداث الدوائر كلها للسلطة التنظيمية، عبد الله حارسي، المجلس الدستوري وتكريس دولة القانون، الأحداث المغربية، في 19 يوليوز 2002، ص13.
[32]  لقد صرحت رئيسة الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب في حوار مع جريدة الصحراء المغربية ( العدد 4815 في 27 مارس 2002، ص2) بأن تجاهل المشروع لمسألة الكوطا  النسائية هو مصدر إحباط، وأن ترك الأمر لتقدير الأحزاب السياسية ،ففي ذلك فرق بين الخطاب والممارسة. في حين اعتبرت نزهة الصقلي عن حزب التقدم والإشتراكية بأن 30 مقعدا ليست كافية. واعتبر حزب التجمع الوطني للأحرار بأن اللائحة الوطنية تعد مكسبا (جريدة البيضاوي، في 28 يونيو 2002، ص 7-8). واعتبرت مليكة الناصري المنسقة العامة لقطاع النساء في حزب جبهة القوى الديمقراطية  عدم اعتبار الكوطا هدية أو منحة تمنح بمناسبة ذكرى 8 مارس ( الصباح في 8 مارس 2002، ص4-5)؟
[33]  إن اللوائح سواء كانت وطنية أو محلية، فهي تعتمد على الفصل الثامن من الدستور.
[34]  في سنة 1983 قرر حزب العمل النرويجي أن تتم في جميع الإنتخابات والتعيينات تمثيل كل الجنسين على الأقل بنسبة 40 بالمائة، أحمد الجزولي، المرأة المغربية من الكوطا إلى المشاركة الفعلية، الصحراء المغربية، عدد 4843، في 24/4/2002، ص 4.
[35]  مصطفى الحبشي، محنة الديمقراطية بالمغرب بين إجبارية التصويت واللائحة الوطنية، الأحداث المغربية في 24 أبريل 2002، ص 12.
[36]  لقد تحفظت نزهة الشقروني الوزيرة المكلفة بشؤون المرأة والأسرة ورعاية الطفولة  وإدماج المعاقين، من نظام الكوطا، وإن أبدت استعدادها للنضال من أجله، جريدة كازابلانكا في 22/29 مارس2002، ص 23. كما رفض حزب العدالة والتنمية،  واعتبرت نادية ياسين عن حركة العدل والإحسان  أن لامعنى لكوطا المرأة في البرلمان ومشاركتها في السياسة يجب أن تكون تلقائيا، جريدة الصباح في 8 مارس 2002، ص4-5.
[37]   الأحداث المغربية في 15 مارس 2000، ص 3، وحسب أحد الأساتذة الجامعيين، فإن البرلمان البلجيكي قد رفض الموافقة على نظام الكوطا النسوية، معتبرا إياه بمثابة إهانة للمرأة، وهو المشروع الذي قدم في فترة متزامنة مع مشروع تعديل القانون التنظيمي لمجلس النواب في المغرب.
[38]  لقد اتخذ حزب الإتحاد الإشتراكي رمز الوردة باللونين الأحمر والأخضر، واتخذ حزب المؤتمر الوطني الإتحادي زورقا تعلوه راية حمراء، وطولب منهما حذف الألوان الوطنية رمز السيادة.
[39]  ولقد كانت المادة 52 من القانون رقم 9.97 المتعلق بمدونة الإنتخابات تمنع تحرير الإعلانات ذات الطابع الإنتخابي أو برامج المرشحين فوق ورق أبيض.
[40]  ولقد كان من شأن إغلاق بعض مكاتب التصويت، وتمديد أخرى حتى الساعة الثامنة أثناء العملية الإنتخابية المجراة في 14 نونبر 1997 بدائرة المزرعة (عمالة سلا) مدعاة لإلغاء نتيجة الإقتراع من طرف المجلس الدستوري بموجب قراره رقم 272-99 في 9 فبراير 1999، بخصوص الطعن الذي كان قد تقدم به السيد محمد أشماعو، الإتحاد الإشتراكي عدد 6795، في 17/3/2002، ص 9.
[41]  لقد صرح وزير الداخلية أن الإنتخابات القادمة ستهيئ لها حوالي 45.000 مكتبا للتصويت، جريدة l’ oppinion،عدد 13621، في 18 غشت 2002، ص 2.
[42]  ولقد تم الإحتفاظ بهذا المقتضى رغم حذف ذلك البند  الخاص بإلزامية التصويت، ولتي كان قد اقترحها مشروع القانون التنظيمي، لأن من شأن ذلك المس بمفهوم الإختيار الطوعي للمشاركة السياسة والنيل من الإرادة الحرة للناخبين، وإذا كانت مدونة الإنتخابات لسنة 1997 قد نصت على إجبارية التقييد في اللوائح الإنتخابية، فقد قوبل هذا الإجراء في حينه بانتقادات شديدة من طرف أحد أحزاب المعارضة آنذاك، لكونه يمس بحرية المواطنين وفي نفس الوقت فإن إلزام المواطنين بالتصويت يدخل في باب الإكراه، ومن لايمتلك حريته في البداية لايكون اختياره ولاتصويته حرا، مصطفى الحبشي، م.س، ص 12.
وإذا كانت بعض التشريعات كتلك الخاصة بدول بلجيكا واللوكسمبورغ وأستراليا تنص على إلزامية التصويت، فمن أجل الحد من ظاهرة الإمتناع والإمساك عن التصويت، والتي أصبحت مدا عالميا، فقد بلغت نسبتها حوالي 40 بالمائة في الإنتخابات التشريعية لبريطانيا سنة 1981، وفي فرنسا بلغت نسبة الإمتناع حوالي 69 ,3% أثناء استفتاء يونيو 2001، وأكيد أن النسبة المرتفعة للعزوف في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، هي التي أدت في الدور الأول إلى تأهيل زعيم اليمين المتطرف  إلى الدور الثاني وإقصاء الحزب الإشتراكي.
[43]  وكان من المنتظر أن يتم وضع لوائح انتخابية جديدة، لكن تم الإكتفاء فقط بمراجعة استثنائية لها، احتراما لآجال الإقتراع وتجنبا لملل السكان من جراء وضع لوائح وتقييد جديد، كلما حل موعد الإنتخابات، فتم الإكتفاء بتحيين لوائح سنة 1996 ( والتي خضعت لمراجعات متوالية عبر السنوات اللاحقة لها). وتستهدف المراجعة تقييد أشخاص جدد وتصحيح الأخطاء  المادية وتشطيب أسماء الأشخاص المتوفين أو الفاقدين للأهلية الإنتخابية. والمثير في هذا الصدد هو ما أقدمت عليه السلطات العمومية من منع قاطني البناء العشوائي من التسجيل في اللوائح الإنتخابية، وحرمانهم من حقهم السياسي لأنهم ممنوعون من التوفر على البطاقات الوطنية، وحدث هذا في عدة جماعات بمكناس والدار البيضاء( دار بوعزة- الهراويين إلخ...).
[44]  وفي هذا الإستناج فالمجلس الدستوري يوجه عمل المشرع.
[45]  عبد الله حارسي، م.س، ص13.
[46]  جريدة رسمية عدد 5026 بتاريخ فاتح غشت 2002، ص 2171.
[47]  وفي هذه العملية التوجيهية سيتم خرق القانون في المادة الإنتخابية، مما قد يشكل مدعاة لطعون انتخابية طاغية في هذا الجانب، والتي تندرج في سياق تركيبة  مكاتب التصويت، والتي لم تخل من تدخل المجلس الدستوري كما سلف الذكر، أحمد حضراني، ترشيح المستقلين لعضوية مجلس النواب :المولود الميت، م.س، ص 9.
[48]  وهذا الإجراء قد يحد من التلاعب، لكنه يخدش الكرامة، ثم كيف سيتم التعامل مع الأيادي الخشنة، أحمد حضراني، المشاركة لسياسية والإنتخابات، م.س، ص 15.
[49]  ولقد كان المشروع الحكومي للقانون التنظيمي يقترح رفع عتبة المشاركة في توزيع بقايا المقاعد إلى نسبة 5 بالمائة كحد أدنى من الأصوات المعبر عنها، والتي بررها وزير الداخلية في معرض جوابه بلجنة الداخلية بمجلس النواب بالرغبة في توفير شروط بروز تكتلات سياسية،في أفق تجميع الحقل السياسي، خصوصا وأن المرشحين في انتخابات 1997 الذين لم يتمكنوا من الحصول على نسبة 5 بالمائة من الأصوات المعبر عنها قد بلغ 52 بالمائة من مجموع المرشحين على الصعيد الوطني، وقد تراوحت هذه النسبة حسب الأحزاب السياسية مابين 27و 82 بالمائة، أي 9 أحزاب من أصل 16 حزبا لم تبلغ هذا السقف على المستوى الوطني ( أي بنسبة 56 بالمائة).